مجلة نداء الرؤح

نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح نداء الرؤح 

الثلاثاء، فبراير 23، 2016

مقال للرائع باسم عبدالكريم فضلى

{ في علم الجمال / لمحة تاريخية وآراء }
من الصعوبة بمكان تحديد البدايات التاريخية لهذا العِلم ، وبالتالي صعوبة تحديد دلالة مفهوم الجمالية (AESTHETICISM)، فعلم الجمال ( ويعني : وصف وتفسير الظواهر الفنية )،مؤسَّسٌ على التجربة الجمالية التي تُفهَمُ بواسطة قياسات مستمَدَّة من جملة علوم اخرى كعلم النفس وعلم الاخلاق وعلم الاجتماع وعلم التاريخ وغيرها ، حيث تتشابك في مناهجها ومدلولالتها مع موضوعة ( الجمال) بهذه الدرجة او تلك ،كما أن الظاهرة الفنية ترجع في بداياتها الاولى الى العصور الحجرية ( الكهوفية)، حيث نشأت في حضن العادات والتجارب البشرية البدائية بما فيها من ( عرافة ) وسحر وسائر اشكال ( محاكاة الطبيعة وتقليدها ) والطقوس العبادية الاولى ، ومع نشوء الحضارات والانماط الثقافية والانسانية المختلفة وما احرزته حركة التطور ونضوج التفكير الواعي ، من اضافات نوعية للشخصية الانسانية ( من تطور في وعيه وتعميق ثقافته العامة بالاشياء ) ، دفعتها للرسوخ والتكامل في معركة ( الوجود ) ، وقد ساهم انصهار تلك التجارب والخبرات الانسانية وتمازجت بتفاعل حي مع سائر النشاطات و ( الفعل الواعي ) للبشرية ،لتصل بعلم الجمال الى تكاملية ( عقل / حسية ) في عصرنا الراهن ، ان المعنى اليوناني الاصل لكلمة الجمالية هو ( الذات الاستبطاني او الادراك بالترابط ) ولتوضيح هذا المعنى اقول :
اذا ما اخذنا الموسيقى باعتبارها ( ظاهرة فنية جمالية ) اساسها ( الحساب الزمني / اي البعد الوقتي الزماني، بين النغمات والايقاعات الصوتية ) نجد هناك عدم وضوح وتداخل غير ظاهر لعناصرها اللحنية ، لكن الوعي ــ عبر الترابط ــ يعطي صورة مكتملة التناسق لها فيتذوقها ، اننا نستطيع تحديد
ميدان علم الجمال ، فهو ( الميدان الوسط بين ميدان المعرفة الحسية وميدان المعرفة العقلية )، ولقد ساهم الفلاسفة والمفكرون ، منذ العصر الاغريقي مروراً بالعصر الروماني ...الخ ،وصولاً للعصر الحديث ، في وضع المعالم الاساسية لذلك العلم ومنهجوا اساليبه ( أي وضعوا لها مناهجاً ) ونظّروا له ، كيما يضعوا له قواعداً وأسساً علمية تحدد وترسم له ( إطاره الآيديولوجي العام )، ورغم استعراضنا لأسماء فذة وبارزة في تاريخ الفلسفة والفكر الانساني مثل ( هيراقليدس / صاحب اول مدرسة للجماليات في التاريخ ، ارسطو ، دافنشي ، شكسبير ، كانط ، هيجل ، ماركس ، سارتر ..وغيرهم ) ، الا اننا نجد اختلافاً كبيراً بينهم ( يصل حد التقاطع احياناً ) في تحديد تعريف (الجمال) بشكل متفق عليه ومحدد الدلالة ، مما يضطرنا للتصريح ان للجمال مفهوماً ( نسبياً ) متصلاً بمتذوقه ، فما يصح ( من احكام وقياسات جمالية ) لشخص حول هذا الشيء الجميل ( أياً كان نوعه او جنسه الفني او الادبي ) قد تجعله يرتاح اليه ويبعث فيه حالةً من التوازن الممتع فكرياً او نفسياً ، قد لايصح لشخص آخر ، وهذا مبعثه ان لكل فرد ( ثقافة ووعي وفهم ) خاص به ، حول درجة جمالية ذلك الشيء ، وبالتالي مدى قبوله او رفضه وفق معاييره وقياساته الذاتية حول مفهوم الجمال ( ونعرف ان الثقافة والوعي عموماً تتحكم بهما جملة ظروف اجتماعية وتربوية وتعليمية وعوامل ميثولوجية وغيرها تختلف من أمة لآخرى ومن فرد لآخر ) مما يجعل ابناء البشر متفاوتين في درجة بحثهم عن الاشباع ( الفكر / حسي ) من الشيء الجميل عن طريق ( تحاورهم الجمالي مع ذلك الشيء الذي قد يكون لوحة تشكيلية او معزوفة موسيقية او قصيدة او اغنية ..وغيرها مما يدخل ضمن مفهوم الفن او الجماليات ) ، وكل ما أستطيع قوله هنا ، هي محاولة ( التقريب ) بين تلك الاذواق وايجاد ( المشترك ) فيما بينه فأؤكد : ان الوصول الى لحظة ( استحسان العمل الفني ) يقتضي وجود حلقة اتصال حسية بين ( المُرسِل / الفنان ) و ( المُستقبِل / المتذوق ) ، وهذه الحلقة ترتكز على الهدف الذي يرمي اليه العمل الفني والذي يختصره السؤالان : لمن ..؟ ولماذا ..؟ ( كما ذهب بعض المفكرين ) ؛ 
الاول ــ لمن يُقدَّم هذا النوع من الفن ( ومنه الفن الشعري مثلاً ) ..؟؟ 
الثاني ــ لماذا نُقدِّم العمل الفني ..؟؟
فالفن يعمل على ايقاظ ( الوعي ) في الانسان ( هذه رسالته كما اؤمن بها في الاقل ) لانه يقدم نفسه بشكل ( فكري / تصوري ) تستفزُّ العقول والحواس وتهز جذورهما وتدفعهما على التفاعل مع مكونات العمل الفني وصولاً إما لحالة ( التطهير والنقاء الذاتي ) او لحالة ( الرقي الفكري والثقافي ) ، وهنا تكمن فلسفة ( الجماليات ) التي تقوم على عاملين متحدين ؛ الاول ـ الوحدة الانسجامية التوافقية ، والثاني ـ الجانب الحس / فكري المادي و يتجسد بشكل وأسلوب معالجة الفكرة صوتياً( الموسيقى ) ،او لونياً ( الفن التشكيلي ) ، او حجمياً ( الفن المسرحي ) ، او تصويرياً ذهنياً ( الفن الشعري ) ، او فضائياً ( الفن المعماري ) ..الخ 
فالفن يتحرك وسط دائرة التلازم بين الحاجة ( الجمالية ) المتجددة لدى الانسان ، وبين الافكار الفلسفية ، وعلم الجمال انما يهدف الى ( تقريب جماليات الحقيقة ) التى لايمكن ان تظهر في الصورة الواقعية المجردة ..، وبقى ان نؤمن أنّ تقنين علم الجمال ( اي وضع القوانين الجامدة له ) يتعارض مع ( روح الفن ) المتمردة والباحثة عن كل ماهو جديد ومجسِّد لحقيقة الصراع المستعر بين ( الاضداد ) في الحياة ، وهذا يتعارض تماماً من مفهوم التقنين ، فالفن وُلِد حراً ويعيش من اجل الحرية 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مقال لي منشور في احدى المجلات الادبية الفنية عام 2007
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ / باسم عبد الكريم الفضلي ـ العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق